التبشير المسيحي في المعجمية العربية

التبشير المسيحي في المعجمية العربية

د. قمرشعبان الندوي

لايفتأ العالم المعاصر يرى تغيرا مدهشا في الآفاق المعرفية والسياسية والدينية والفكرية والثقافية منذ قرنين أو ثلاثة قرون على وجه الأرض، إن العالم الغربي والأوربي لم يترك مجالا للدراسة والبحث إلا وقد تعرض له تعرضا عميقا ودقيقا،  حتى إنهم تمكنوا من خوض مجالات العلوم والدراسات العربية والإسلامية من القرآن والحديث والفقه والسيرة والتاريخ الإسلامي والأب العربي واللسانيات العربية والمعاجم العربية خوضا مدسسا ومخططا، وإن خوضهم هذه الساحات العلمية والدراسية والمعرفية يرغم من يهمه الأمر على تأمل شديد تجاه جهودهم في هذا الإطار ، ويثير أمامهم أسئلة ذات وجهتين: وجهة التنظير، ووجهة التطبيق، إن المسيحيين بدؤوا دراسة العلوم العربية والإسلامية على أيدي المسلمين في الأندلس منذ القرن العاشر الميلادي[1] ، ولم يكونوا في بادئ الأمر مستهدفين القيم القرآنية، وتزوير السيرة النبوية-على صاحبها أفضل الصلاة وأطيب التسليم-، وإنهم لقد اعتمدوا على مؤلفات العرب المسلمين ستة قرون[2]، ولكنهم لمارأوا انتشار الإسلام بسرعة عجيبة ومدهشة في أقاصي العالم، وفي البلدان الغربية بوجه مخصوص، تولد فيمابينهم نوع من الثورة والحقد والتعصب ضد الإسلام، وطرأ في نظرياتهم تجاه الدراسات العربية والإسلامية تغير مفاجئ، وإن الدافع الذي دفعهم إلى ذلك ليس إلا الدافع الديني، فإنهم أقبلوا على دراسات العلوم الشرقية، ولاسيما العربية والعلوم الإسلامية، ومن خلاله نشأ مصطلح الاستشراق دلالة على العلماء الذين اشتغلوا بدراسة العلوم الشرقية، لتحقيق غرضهم التنصيري المنشود، فإن المستشرقين قبل كل شيء هم رجال الدين، فالباعث الديني هو الذي بعثهم على التبشير والتنصير، ودعوة الشعوب إلى التمسك بالمسيحية الزائفة التي حرفها من حرفها من المسيحيين الذين لا علاقة لهم بالدين السماوي الذي جاء به نبي الله عيسى-عليه السلام-، وأخذ المستشرقون يستهدفون الإسلام وتعاليمه السمحاء وقيمه المثالية النموذجية وسمعته الجميلة بتشويهات وتزويرات ومفتريات وأباطيل، إضافة إلى إدخال الوهن والتشكيك تجاه العقيدة الإسلامية، والتراث الإسلامي، والحضارة الإسلامية، وكل ما له صلة بالقرآن، والإسلام من علم، وأدب، ومعرفة، وفن[3] كما هناك دوافع أخر ى بجنب الدافع الديني من أهمها:
1-    الدافع السياسي.
2-    الدافع التجاري.
3-     الدافع الاستعماري .
4-    الدافع الثقافي .
5-     الدافع العلمي الخالص
ولكن الدافع الديني هو أهم دوافع الاستشراق في كتاباتهم، نما على أيدي رجال الكنيسة، الاستشراق والتبشير –بحد تعبير المدير العام للثقافة الإسلامية بالجامع الأزهر الدكتور محمد البهي- :
"كلاهما دعامة الاستعمار في مصر والشرق الإسلامي، فكلاهما دعوة إلى توهين القيم الإسلامية، والغض من اللغة العربية الفصحى، وتقطيع أواصر القربى بين الشعوب العربية، و كذا بين الشعوب الإسلامية والتنديد بحال الشعوب الإسلامية الحاضرة، والازدراء بها في المجالات الدولية العالمية"[4]، وذلك خوف انتشار الإسلام في الكوكبة الأرضية، ولاسيما البلدان التي نشأت ونمت فيها المسيحية الزائفة المحرفة، وخوف اعتناق الكثير من النصارى وسكان البلدان الأوربية الإسلام، لصفاء تعاليمه ونقاء عقيدته وسماحته ورسالته المفتوحة لكل الشعوب وأمم الكون، ثم الإسلام دين كامل ونظام شامل للحياة، فإن الكنائسيين ورجال الدين اعتزموا على محاربة الإسلام لصيانة مكانتهم الاجتماعية.
إن المستشرقين سلكوا مسلكين لتحقيق أغراضهم التبشرية والتنصيرية: المجال العلمي، والعمل الخيري، إنهم أقاموا المستشفيات والمدارس والنزل ودور الطباعة والنشر،[5] لو دخلت مستشفى من المستشفيات من  هذا القبيل يتجلى لك فيه الطابع المسيحي والتنصيري أكثر من الطابع الإنساني، أول مظهر له فيه هو الصليب على رؤوس الأبواب، والمكاتب، والمعامل، وكذلك مدارسه الإنكليزية التي يخيل لمن يدخلها للدراسة فيها أنها مدارس علمانية بحتة في الظاهر، ولكنها هي مدارس مسيحية تسعى للتبشير والتنصير، إذ تتواجد عامة في حرمها كنيسة يلزم للطلاب القيام أمام الصليب، والتماثيل المموهة لعيسى ومريم البتول-عليهما السلام_
          ومن أهم ما اتخذ المستشرقون من وسيلة للتبشير هو الصحافة من: المرئية والمكتوبة، والمسموعة، ولهم مجلات واسعة النطاق في هذا المجال، يصدرونها باسم الدراسات العربية، والإسلامية والشرقية زورا وخداعا للناس، ومن أشهر هذه المجلات: مجلة "جمعية الدراسات الشرقية، صدرت في أمريكا، ولها فروع في لندون، وباريس، وليبزغ في ألمانيا، وكندا، ومجلة "شئون الشرق الأوسط"، ومجلة "الشرق الأوسط"، تصدر في أمريكا، ومن أشد المجلات الاستشراقية خطرا وكيدا هي مجلة "العالم الإسلامي" (The Muslim  World) أنشأها المستشرق الأمريكي صمويل زويمر عام1901م، وهناك مجلة استشراقية فرنسية بنفس العنوان مطبوعة بالطابع التبشيري[6]، والمجلة الآسيوية، صدرت عام1820م، في جمعية المستشرقين الفرنسية، ومجلة الجمعية الآسيوية الملكية، صدرت عام 1823م، ومجلة الجمعية الشرقية  الأمريكية في أمريكا عام 1842م[7].
          وأكبر ما يتجلى للمستشرقين من إنتاجات في الدروب التبشيرية هي ترجمات معاني القرآن الكريم، إن  الأهداف التي تتجلى خلال هذه الترجمات تتلخص كالآتي:
-         لم يحاولوا فهم معاني الآيات القرآنية فهما صائبا معتمدا على المنهج العلمي البحثي.
-         سعوا عن طريق ترجماتهم المشوهة المحرفة إبعاد أتباعهم عن تعاليم القرآن الصافية وسيرة  الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-.
-         بعض المترجمين قصدوا توليد التشكيك والتضييق بعناوين ترجماتهم، مثلا، أسمى اليكزندر روز ترجمته بـ قرآن محمد"(The Koran of Mahmet) لقد بدل تسمية النبي –صلى الله عليه وسلم- بماهميت، ثم قدم القرآن كأنه كتاب ألفه محمد-صلى الله عليه وسلم- ، وليس هو كتابا منزلا من السماء، وكذلك أسمى لين بول ترجمته "مسامرات محمد" كأن القرآن قصص أسطورية وخرافية كمسامرات وقصص الجاهليين.
-         لقد قاموا بالتضييق الآفاقي الإسلامي عن طريق ترجمات بعض الآيات والخطاب القرآني، لقد ترجم جورج سيل الخطاب القرآني: "يا أيها الناس" بـ”O men of Mecca”، ثم جاء بملاحظة في الهامش أن محمدا –صلى الله عليه وسلم- كانت رسالته محدودة بحدود الجزيرة العربية، فمعنى الناس هنا أناس مكة فقط، وكذلك ضيق حدود نبوة محمد فقال "نبي الأتراك ومؤلف القرآن".
-         وخالف بعض المترجمين أن القرآن الكريم فوق قدرة البشر، ومنزّه من التحريف.
-         قلّب البعض ترتيب نظام السور وترتيب نظام الآيات وأولج آيات سورة في سورة أخرى حتى اختلط الحابل بالنابل.
ومن أشهر هؤلاء المترجمين: إليكزندر روز(Alexander Ross)، وجورج سيل"(G.Sale)، و ج.م.راد ويل (J.M.Rodwell)، و الأستاذ بالمر، والقسيس وهيري(Whery)، والأستاذ ريتشاردبيل(Richard Bell)، والأستاذ آربري،و ن.ج.داؤد.[8]
          وأخطر جهود تبشيرية في المجال العلمي للمستشرقين إنجازاتهم الموسوعية التاريخية واللغوية والأدبية والمعرفية،  وعلى رأسها دائرة المعارف الإسلامية(The Encyclopedia of Islam)،[9] وموجز دائرة المعارف الإسلامية (Shorter Encyclopedia of Islam) ، ودائرة المعارف البريطانية، ودائرة معارف الدين والأخلاق، (Encyclopedia of Religion and Ethics)، ومقالات حول الإسلام في دائرة معارف العلوم الاجتماعية، والمعجم المفهرس لألفاظ الحديث، وكتب حول السيرة، والإسلام، والدراسات  العربية والإسلامية، من أهمها : كتاب "حياة  محمد" لوليم موير، وكتاب "الإسلام" لألفرد جيوم، و"الإسلام اليوم" لآربري، و"متصوفو الإسلام" و"التاريخ الأدبي للعر" لنكولسون، و"النظرية الدستورية في الإسلام، لماكدونالد، و"تاريخ العرب" لفليب حِتّي.
          وإن الظاهرة التي تشترك في جميع هذه الأعمال العلمية والموسوعية تجاه العلوم والدراسات العربية والإسلامية ، وتجاه القرآن والحديث، والسيرة، والفقه الإسلامية تزويرا وتمويها، ومن خلالها تأصيل جذور التنصير والمسيحية الزائفة في عقول الناس وقلوبهم يمكن تلخيصها فيما يلي:
1-  تشويه صورة الإسلام، بافتراءات وأباطيل تنفر أتباعه من الامتثال الكامل الحقيقي به، ولإحداث جبهة مضادة أمام المسيحيين أن الإسلام هو الخصم الوحيد للمسيحية.
2-  التشكيك في صحة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وتكذيب نسبة الحديث إلى النبي –صلى الله عليه وسلم.
3-  التشكيك في صحة القرآن، وكونه الوحي السماوي.
4-  الطعن في عقيدة أهل السنة والجماعة، وتأييد الفرق الباطلة المنحرفة.
5-  التقليل من قيمة الفقه الإسلامي واعتباره مستمدا من الفقه الروماني.
6-  النيل من اللغة العربية الفصحى، التي هي لغة القرآن والتي تتمكن من جمع العرب والمسلمين على نقطة واحدة وميضة من ضياء القرآن.
7-  الاعتماد على الأحاديث الضعيفة والأخبار الموضوعة في سبيل دعم آرائهم وبناء نظرياتهم.
يقول مؤلف مقال "الإسلام" :
"إن الصورة التي تتداخل فيها صفات القوة والعدل والرحمة ذات صلة بالتراث اليهودي - المسيحي حيث استمدت منه بعد أن طرأ عليها بعض التعديلات وكذلك تتصل بالوثنية التي كانت سائدة في شبه الجزيرة العربية"[10]
يحاول الكاتب ضمن هذه العبارة أن يثبت أن ما قدمه النبي -صلى الله عليه وسلم- من مفهوم للألوهية مستلهم من المصادر اليهودية والمسيحية والمفاهيم الوثنية التي تمسك بها الناس في العصر الجاهلي في شبه الجزيرة العربية
ويقول مؤلف نفسه عن المعجزة أنه:
"لم يأت (النبي محمد-صلى الله عليه وسلم-) بمعجزة إلا معجزة القرآن، ومع ذلك فقد نسب المسلمون إليه عقب وفاته فيضا من المعجزات" .
ويقول عن التوحيد أنه فكرة غاية في الصعوبة، ومعانيه مختلفة، وأن الشرك فكرة نشأت بعد العهد المكي لما عادى المشركون النبي- صلى الله عليه وسلم-،
          وإن المستشرقين لايترددون أن يطعنوا في القدر، يزعموا أن أخبار النبيين في القرآن الكريم مقتبسة من الكتب السابقة، والقصص القرآنية عن الأنبياء كلها أساطير ، ولايكتفون بذلك بل يستهدفون الصحابة ورواة الحديث لكي يستطيعوا بسهولة على نسبة الأحاديث إلى النبي –صلى الله عليه وسلم-، ونالوا من مذاهب الأئمة الأربعة كما نالوا من العلماء الإسلاميين الذين عاشوا للإسلام، أمثال الذهبي وابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب، إضافة إلى نقدهم للدعاة والمجاهدين، ومن العجب العجاب أنهم يقومون بتمجيد أئمة البدع والضلال كالفلاسفة والزنادقة.
وإنهم يتناولون قصة "الإسراء والمعراج" بطريقة خبيثة فيقول تحت رسم :
"زيارة محمد للجنة قد ظهر محمد إلى اليمين فوق البراق ذي الرأس الآدمي ، وجبريل إلى اليسار ، وفي أسفل الصورة ظهرت ثلة من الحور العين وهن يتبادلن باقات الزهور احتفاء بيوم الجمعة الذي يعتبر يوم عطلة إسلامي" ،
ويقول "فيليب حتى" في "دائرة المعارف الأمريكية" تحت عنوان : "الأدب العربي":
"ولم تبدأ أمارات الحياة الأدبية الجديدة بالظهور إلا في القسم الأخير من القرن التاسع عشر، وكان الكثرة من قادة هذه الحركة الجديدة نصارى من لبنان تعلموا واستوحلوا من جهود المبشرين الأمريكان[11]"
          وإن المقالة التي وردت في دائرة المعارف الإسلامية حول الإسلام، يتعرف القارئ من خلالها على الإحصائيات وجغرافيات البلدان التي يتواجد فيها المسلمون ، ولكنه لو بحث فيها عما يعرفه بالإسلام، وأسسه، ومبادئه، وتعاليمه، وأركانه، وعباداته لخاب في بحثه، لأن المستشرقين لايريدون أن يبلوروا أمام الناس الحقيقة الواضحة للإسلام، فإن القارئ بعد قراءة هذه المقالة يقوم حائرا ومتشككا ومشتبكا تجاه فكرة واضحة لهذا الدين السماوي، إن هذا الأسلوب إن دل على شيء  في الجانب العلمي فإنما يدل على الخلل المنهجي والموضوعي، وفقدان الأمانة العلمية، والدقة  البحثية،  لاشك أن كاتب المقالة أورد بعض الآيات القرآنية  التي وردت فيها كلمة إسلام ومشتقاتها، ولكنها لم يقصد أن يقنع الكلام عن الإسلام ويستفيد من المصادر الأولية للإسلام كالقرآن نفسه، والحديث النبوي الشريف، وهذا ديدنهم في القضايا الإسلامية الأخرى في هذه الدائرة. [12]
المنجد:
يضم المنجد قسمين : قسم اللغة وقسم الأعلام، لقد ألف القسم اللغوي  الراهب النصراني الأب لويس معلوف اليسوعي عام 1908م، وأنجز قسم الأعلام الراهب النصراني الآخر الأب فر دينان توتل اليسوعي،[13] وصدر من المطبعة الكاثوليكية ببيروت، ثم صدرت له طبعات مثنى وثلث وربع، وقد حظي المنجد في كل عقد من عقود السنين بالتطوير والإضافة في كل طبعة من طبعاته، وكل من اشتغل بتحرير هذا المنجد في عقود محتلفة هم المسيحيون ولاغير إلا أشخاص، وممن قام بتحرير  قسم اللغة  حتى الآن هم:
1-  كرم البستاني.
2-  الأب اليسوعي لويس موترد.
3-     عادل أنبوبا.
4-  أنطوان نعمة.
وأما قسم الأعلام فمن محرريه:
1-  بولس براورز.
2-  سليم دكاش.
3-  لويس عجيل.
4-  ميشال مراد.[14]
وقد تأنف الذكر أن المسلمين مشاركتهم فيه شبه معدوم، وذلك  فقط في بعض مواده التي تختص بتاريخ العالم العربي والحضارة الإسلامية، مع مشاركة المحررين المسيحيين في الطبعة الثامنة والعشرين منهم: الشيخ عبد الله العلايلي، والسيد حسن الأمين، ومنير العمادي، والسيد حسين الجعفري، وأحمد لواساني، وباسيل عكوله، وقد حرر قسم الآداب العربية ثلاثة من النصارى وهم: فؤاد أفرام البستاني، وبطرس البستاني، وهنري فليش، وفي أما قسم الفلسفة والعلوم العربية فحرره مسيحيان : حميد موراني، وسليم دكاش، والآداب المسيحية العربية سمير خليل، ثقافة عامة وآداب وتاريخ وجغرافيا، بُطرس حرفوش، ولويس عجيل.
          إن المنجد رغم أنه معجم عربي لغوي لايخلو من المسحات التبشرية بحد الغلو ، يبدو للباحث الدقيق والبصير أنه كتاب مع ظاهرته اللغوية والمعجمية يهدف إلى بث  العقائد النصرانية أكثر من أن يركز  على شرح المفردات وبيان اشتقاقاتها وتطوراتها اللغوية، والدلالية، لقد أجريت دراسات حول هذا المنجد نقدا في جانبه  اللغوي الذي يفقده،  وإني لأطل إطلالة سريعة على المسحة التبشيرية ولاغير.  
          إن الشيء الطريف الذي يجب أن أذكره قبل أن أخوض عرض هذا المعجم أنه يوجد هناك تطور مدهش وعجيب في طبعاته المختلفة، تقديما وتأخيرا وحذفا وإضافة، لقد عرضت هذا المعجم في ضوء طبعتين: الثامنة والعشرين لعام 1986م، والثانية والأربعين لعام 2007م، فوجدت في الطبعة الثانية والأربعين التي لقد قام بتحريرها وتحقيقها ثلة من العلماء والمحققين اللغويين المسلمين أمثال عبد الله العلايلي ومنير العمادي تصحيحات كثيرة في الصيغ وفي الآيات القرآنية.
-         ورد في مادة بسمل في الطبعة الثانية والأربعين لعام2007م،  نجد: "بسمل : نطق بالبسملة وهي قولك "بسم الله الرحمن الرحيم" ، وعند النصارى: "بسم الأب والابن والروح القدس" ، ونجد في طبعة سابقة أخرى : البسملة عند النصارى: "بسم الأب والابن والروح القدس" وعند المسلمين " بسم الله الرحمن الرحيم" يعني بالتقديم والتأخير ،
-         القرآن الكريم بصفته كلام الله تعالى، وبصفته كتاب سماوي ورباني نحن نصفه بالكريم، أوالمجيد أوالحكيم أو العظيم، ولكن هذا المعجم لم يصف القرآن الكريم بأي من  هذه الأوصاف، ثم حينما يستشهد بالقرآن الكريم –وذلك ليس أكثر مما يعد على الأصابع- يتخذ أسلوبا كأنه كتاب مجهول، فيستخدمون كلمات: نحو[15]، ومنه، ويقال[16]، كالقول، وفي بعض الأحيان كأنه يعبث بالآيات  القرآنية تقديما وتأخيرا وحذفا وإضافة، رغم أنه لايترك كتابا من كتب اليهود والنصارى إلا وقد يصفه بوصف ذي قداسة وجلالة، مثلا: "الكتاب المقدس" و "الأسفار المقدسة".  
-         الرسول: لقب نبي المسلمين، ثم يقول: الواحد من رسل السيد المسيح الذين بشروا بالإنجيل المقدس"  ثم يقول عن الرسولي م رسولية: هو  عند الكاثوليك ما يصدر عن الكرسي الرسولي ، اي عن مقام الحبر الأعظم، من مقررات وإرشادات وغيرها" [17]
-         السورة أصبحت اليوم مصطلحا يدل على مفهوم خاص وهو سورة من السور القرآنية، ولكن حينما يذكر المنجد هذا المصطلح يقول بجنب معان مختلفة: ومن الكتاب: قطعة مستقلة،[18] اي كتاب هذا ، ؟؟؟ حتى يشتبه الأمر على القارئ حتى يتأكد أهل الديانة المسيحية أنها قطعة من التوراة أو ما إلى ذلك من الكتب، وفي جانب آخر حينما يذكر الأسفار المختلفة من الأناجيل يأتي بتفصيل دقيق، مثلا: "الجلِّيان: سفر  رؤيا يوحنا"[19] وكذلك أسماء الأسفار الأخرى، مثلا: الجامعة، وسفر أيوب، وسفر نشيدالأناشيد، وسفرأستير، وسفر الخروج، وسفر دانيال، وحينما يخوض مادة صح: والإصحاح والأصحاح، فيقول: الإصحاح والأصحاح من التوراة والإنجيل : دون السفر وفوق الفصل منهما، ولكنه لايذكر شيئا عن كتب الصحاح من الحديث النبوي الشريف، هذه هي الأمانة العلمية والموضوعية في كتابات المستشرقين؟،
نتائج البحث والمقترحات:
          إن دراسة المنجد والأعمال الموسوعية الأخرى للمستشرقين تجعل الباحث يستنتج من النتائج المتجلية كالآتي:
1-  المنجد مهما كان مستواه، وأيا كان نطاق رواجه وشيوعه في الأوساط اللغوية والأدبية، هو معجم نصراني بحت، يهدف إلى التنصير والتبشير المسيحي أكثر من الإفادات اللغوية،
2-  إن المادة اللغوية وشرحها تبرهن بصراحة على قلة عناية المؤلف والمحررين بالصحة والتدقيق اللغوي.
3-  يبدو جليا أن المؤلف لم يهتم أي اهتمام بالاسرتشهناد والاستفادة من النصوص العربية القديمة كالشعر الجاهلي أو نصوص العصور الإسلامية الأولى من: القرآن، والحديث، والشعر، والخطابة إلا ما شذ وندر مع أن المعاجم العربية عامة لاتهمل في الاعتناء بهذا الجانب اللغوي الاستدلالي.
4-  لقد أجبر ما قام به المؤلف من لعب مع العربية  أحد من درس هذا المنجد وهو الدكتور إبراهيم عوض على أن ينتقده انتقادا لاذعا بقوله: إنني أشبِّه هذا المعجم بصندوق يحمله الإنسان معه أينما سار غير دار أن بداخل ذلك  الصندوق ثعبانا سالخا،  فإذا ما فتحه ظنا منه أن فيه غنيمة، انطلق الثعبان فنهش إصبعه نهشة قد يكون فيها الإيداء بحياته، أو على الأقل قطع إصبعه"[20] 
5-  وأما دائرة المعارف الإسلامية التي لا تهدف إلا إلى التشويه والتزوير للقيم الإسلامية، هي لابد أن تسمى بـ"دائرة المعارف المسيحية أو التنصيرية أو التبشيرية المسيحية، أو الصهيونية، أو اليهودية، لأنها لم تنجز إلا لتدعيم النظريات التبشرية، ولاستئصال جذور الأفكار الإسلامية السماوية التي يحملها القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة -على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم-. بيد أن هذه الدائرة يقوم بالطعن في العقيدة الإسلامية، وبيان الإيمان بالملائكة، واليوم الآخر، والشريعة الإسلامية، وكذلك طعنها في أئمة أهل السنة في مقابل تمجيدها أئمة الضلال والبدع؛ كالفلاسفة والفرق الباطلة الأخرى.
6-  وإن من أهم ما يتجلى في خضم صفحات هذه الموسوعات العلمية واللغوية أنها لاتمسها السمات العلمية والبحثية من: الموضوعية والدقة والأمانة والصدق، إذ أنهم تركوا النقل من الأصلين : الكتاب والسنة.
7-  تضييق الآفاقية الإسلامية في حدود جغرافية حينا وفي حدود معنوية وفكرية لحين  آخر، حينما يترجم جورج سيل معاني آيات القرآن الكريم، فيترجم معنى يا أيها الناس: Omen of Mecca
8-  لابد للمثقفين المسلمين وقاية حضارتهم وتراثهم وقيمهم التلويث والتزوير والتشويه والإساءة من إنجاز موسوعات ومعاجم علمية ومعرفية وتاريخية تغني المسلمين عن غيرهم للتعرف على التراث الإسلامي الرائع المشرق، إضافة  إلى إنشاء مؤسسات علمية وبحثية وفكرية جادة على نطاق عالمي واسع.





[1] - أوائل الرهبان الذين تعلموا العلوم العربية والإسلامية على أيدي المسلمين في الأندلس، هم: جربرت Jerbert عام 999م، وبطرس المحترم (1092-1156م) وجيراردي كريمون (1114-1187م)
[2] - مصطفى السباعي: الاستشراق والمستشرقون ما لهم وما عليهم، ص: 17-18.
[3] - مصطفى السباعي: الاستشراق والمستشرقون مالهم وماعليهم، ص: 21.
[4] - محمد البهي: المبشرون والمستشرقون في موقفهم من الإسلام، مطبعة الأزهر، ص: 1.
[5] - محمد البهي: المبشرون والمستشرقون في موقفهم من الإسلام، مطبعة الأزهر ، سنة الطباعة غير موجودة، ص: 9.
[6] - المصدر نفسه، ص: 14.
[7] - راجع للتفصيل: مصطفى السباعي، الاستشراق والمستشرقون ما لهم وما عليهم، ص: 37-38.
[8] - راجع: د. عبد الله عباس الندوي: ترجمات معاني القرآن الكريم وتطور فهمه عند الغرب، رابطة العالم الإسلامي ، مكة المكرمة، 1417هـ، الفصل الأول.
[9] - للتعرف على أباطيل هذه الدائرة أنظر: خالد بن عبد الله القاسم.: مفتريات وأخطاء دائرة المعارف الإسلامية الاستشراقية، الناشر: دار الصميعي بالرياض. الطبعة الأولى: عام 1431هـ-2010م.
 [10] - دائرة المعارف البريطانية ، طبع  1987م  ص 913  ج 9
[11] - انظر دائرة المعارف الأمريكية ، طبع 1947م ، ص 139 .
 [12] - أنظر للتفصيل: موجز دائرة المعارف الإسلامية، 1998، مركز الشارقة للإبداع الفكري، ص: 732-752.
[13] - المنجد، قسم الأعلام، مادة ، المنجد، ط: 28، دارالمشرق، بيروت، عام 2007م، ص: 547.
[14] - إبراهيم عوض: النزعة النصرانية في قاموس المنجد، دارالفاروق، السعودية، 1991م، ص: 9.
[15] - المنجد، ط: 28، ص: 704.
[16] - أنظر المنجد، ط: 28، مادة بدع، ص: 29.
[17] - المصدر نفسه، ص: 259، مادة رسل.
[18] - المصدره  نفسه ، ص: 362، مادة سار.
[19] - المنجد، ص: 99.
[20] - النزعة النصرانية في قاموس المنجد، ص: 48.

Comments

Popular posts from this blog

الثنائية اللغوية بين اللغات الهندية والعربية الفصحى

النظريات الأدبية في الأدب العربي بين الأصالة والمعاصرة

الأستاذ محمد ناظم الندوي شاعرا.